زكاة الفطر
زكاة الفطر وهى زكاة واجبة على المسلمين بعد صوم شهر رمضان. وهى واجبة على كل مسلم من قادر عليها، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها. وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال. بمعنى انها فرضت لتطهير نفوس الصائمين وليس لتطهير الأموال كما في زكاة المال مثلا.
وسميت صدقة الفطر بذلك لأنها عطية عند الفطر يراد بها المثوبة من الله، فإعطاؤها لمستحقها في وقتها عن طيب نفس، يظهر صدق الرغبة في تلك المثوبة، وسميت زكاة لما في بذلها خالصة لله من تزكية النفس، وتطهيرها من أدرانها وتنميتها للعمل وجبرها لنقصه.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ». رواه أبو داود.
قوله : "طهرة": أي تطهيرا لنفس من صام رمضان، وقوله "والرفث" قال ابن الأثير : الرفث هنا هو الفحش من كلام، قوله "وطعمه": بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل. قوله : "من أداها قبل الصلاة": أي قبل صلاة العيد، قوله " فهي زكاة مقبولة": المراد بالزكاة صدقة الفطر، قوله "صدقة من الصدقات": يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات. عون المعبود شرح أبي داود
وعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ : "زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ." المجموع للنووي.
تاريخ تشريعها والدليل عليه
وكانت فرضيتها في السنة الثانية من الهجرة وقد دلّ على مشروعيتها عموم القرآن، وصريح السنة الصحيحة، وإجماع المسلمين، قال تعالى:"قد أفلح من تزكى" أي: فاز كل الفوز، وظفر كل الظفر من زكى نفسه بالصدقة، فنماها وطهرها.
وقد كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يأمر بزكاة الفطر ويتلو هذه الآية: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"، وقد روي ذلك عن أبي سعيد الخدري وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وغيرهم وفي هذه الآية إثبات حقيقة الفلاح لمن تزكى. وقال عكرمة رحمه الله في الآية: (هو الرجل يقدم زكاته بين يدي) يعني قبل صلاته: "أي: العيد" . وهكذا قال غير واحد من السلف رحمهم الله تعالى في الآية هي زكاة الفطر.
حكمتها
1. طهرة للصائم، قد يقع الصائم في شهر رمضان ببعض المخالفات التي تخدش كمال الصوم من لغو ورفث وصخب وسباب ونظر محرم، فشرع الله عز وجل هذه الصدقة لكي تصلح له ذلك الخلل الذي حصل فيه ليكون صياما تام الأجر ولكي يفرح به فرحا تاما يوم القيامة.
2. تعميم الفرحة في يوم العيد لكل المسلمين والناس حتى لا يبقى أحد يوم العيد محتاجا إلى القوت والطعام ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم "، وفي رواية " أغنوهم عن طواف هذا اليوم" رواه البيهقي والدارقطني، أي إغناء الفقير يوم العيد عن المسألة. ولذلك جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين" رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، والحديث حسن كما قال النووي.
3. زكاة للنفوس والأبدان، تعد صدقة الفطر زكاة عن الأبدان والنفوس وقربة لله عز وجل عن نفس المسلم، أو زكاة لبدنه، وبعبارة أخرى تعبر عن شكر العبد لله عز وجل على نعمة الحياة والصحة التي انعم الله عز وجل بها على عبده المسلم. لذلك شرعت على الكل بما فيهم الصغير والعبد والصائم والمفطر سواء أكان مفطراً بسبب شرعي أم غير شرعي.
حكمة فرض زكاة الفطر
حكمها
زكاة الفطر فريضة على كل مسلم؛ الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والحر والعبد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" أخرجه البخاري.
فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، فيخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد. والأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا؛ لأنهم هم المخاطبون بها. أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه؛ لعدم الدليل. وما روي عن عثمان رضي الله عنه، وأنه "كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل" فإسناده ضعيف.
مقدار زكاة الفطر
لا يجزئ إخراج قيمتها، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها، وقد قال عليه الصلاة والسلام : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه مسلم .
جنس الواجب فيها
طعام الآدميين؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم. قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: " كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر" أخرجه البخاري.
زكاة الفطر هل يجوز أخراجها مال ؟ الشيخ محمد حسان
وقت إخراجها
قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع: "وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين" أخرجه البخاري، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال: "فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين".
و آخر وقت إخراجها صلاة العيد، كما سبق في حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم.
كيفية إخراج زكاة الفطر
مقدارها
صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق. والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة" أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح. والصاع من المكيال، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد وعدلته بالوزن لأطعمة مختلفة، ومن المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرجت بالنتائج الآتية: أولاً: أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه، والمكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد، وهكذا.
المستحقون لزكاة الفطر
هي نفس مصارف الزكاة، ويجوز أن تدفع لواحد أو توزع.
"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"
زكاة الفطر زكاة تجب على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى،على الفقراء والمساكين من المسلمين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: " .. وطعمة للمساكين " .
تنبيه: من الخطأ دفعها لغير الفقراء والمساكين، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟ .
الشيخ يوسف القرضاوي، الشريعة والحياة - الزكاة وزكاة الفطر
الأصل أن مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه، و يجوز نقلها إلى بلد آخر على القول الراجح؛ لأن الأصل هو الجواز، و لم يثبت دليل صريح في تحريم نقلها. ويجوز أن يعطي الجماعة أو أهل البيت زكاتهم لمسكين واحد وأن تقسم صدقة الواحد على أكثر من مسكين للحاجة لشديدة. ولكن ينبغي أن تسلم لنفس المسكين أو لوكيله المفوض في استلامها من قبله.